البعض يعشق
المحتويات
بإسمها....فى لوعة.
الفصل التاسع والعشرون
كانت رحمة جالسة بهدوء..تتأمل هذا العشب الأخضر الممتد أمامها بلا نهاية..ورغم ان هذا المنظر الطبيعي لطالما أراح أعصابها بالماضى..إلا أنه الآن لا يؤثر فيها مطلقا..فصورة يحيي وهو ينظر إليها بجمود لا تفارق عيينها ..لقد صدق ما رأته عيناه للمرة الثانية..ورفض أن يثق بها مجددا..ليهدم بيده عشق سكن قلبها وزواجا ظنت أنه لآخر العمر..تنهدت بحزن..ليخرجها من أفكارها صوت نحنحنة باتت مألوفة لديها لتلتفت وترى الحاجة آمال تقف خلفها تماما..حاولت رحمة أن تبتسم وهي تقول بأدب
نظرت آمال إلى إبتسامتها الباهتة..وعيونها الحزينة والتى تعكس حالتها منذ أن جاءت إلى هنا منذ ثلاثة أيام..تبكى بحړقة لتأخذها آمال ..وتجعلها تفضفض لها بمكنون قلبها..لتتحسر آمال على رحمة وكل ما مر بها وتتوعد لتلك الأفعى بشرى..هي والحية بهيرة بقصاص يكون عبرة لأمثالهم..وحين أراد الحاج صالح أن يحضر يحيي ويصلح بينهما ..رفضت رحمة بشدة وهددت بالهروب..ليضطر الحاج صالح أن يخضع مؤقتا لرغبتها حتى تهدأ ثم يستطيع أن يجمع بينهما بكل خير..فهو يدرك أن يحيي يحبها وقد ظهر ذلك بوضوح فى تلك المرة التى زارهم فيها هو وعائلته..ولكن تلك الشيطانة لعبت لعبتها مجددا لتعمى الغيرة عيون يحيي عن رؤية تلك اللعبة الحقېرة..التى كررتها بشرى بمنتهى الغباء..أفاقت الحاجة آمال من شرودها على صوت رحمة وهي تقول فى حيرة
إبتسمت آمال وهي تتقدم وتجلس بجوارها قائلة
أعذرينى يابنتى..سرحت شوية فى حالك
وحال جوزك اللى مش عاجبنى خالص.
أطرقت رحمة رأسها قائلة بصوت يقطر حزنا
نصيبنا كدة ياحاجة آمال..حياتنا مع بعض تنتهى فى الوقت ده وبالشكل ده.
قالت الحاجة آمال بهدوء
الست العاقلة يابنتى متسيبش بيتها أبدا وتبعد عن جوزها لمجرد إنه غلط..لأ..تقف وتدافع عن بيتها وحياتها وراجلها..خصوصا لو بتحبه زي ما إنتى بتحبى يحيي.
كان ممكن أقف أدام الدنيا بحالها لو حسيت للحظة واحدة إنه بجد واثق فية إنى مش ممكن أخونه..لو حسيت لثانية إنه شاكك فى اللى بيحصل..لكن هو وقف يبصلى زي مابصلى زمان وكأن خيانتى شئ متوقع..وكأن متأكدش بنفسه بظلمه لية فى المرة الأولى.
أطرقت آمال برأسها فى حزن قائلة
لترفع رأسها قائلة
بس اللى بيحب بيبقى أعمى يارحمة وغيرته على حبيبه بتعميه أكتر..مبيشوفش أدامه غير اللى غيرته بتصورهوله..لكن لما بيهدى ويفكر بيعرف إن فيه حاجة غلط..وبيبدأ يحلل صح..ويعرف إنه غلطان..زي يحيي دلوقتى.
عقدت رحمة حاجبيها قائلة بحيرة
قصدك إيه ياحاجة آمال
إقتربت منها الحاجة آمال قائلة بحذر
يرتاح غير لما يلاقيكى.
أحست رحمة بۏجع فى قلبها لسماعها أحوال
قالت رحمة پألم
ياريت نقفل الكلام فى الموضوع ده عشان خاطرى ياحاجة آمال..الكلام فيه بجد بيوجعنى..وكفاية ۏجع لحد كدة.
اللى تشوفيه يابنتى.
نهضت رحمة قائلة
أنا قايمة أروح أوضتى أرتاح شوية..بعد إذنك ياحاجة.
قالت آمال
إذنك معاكى يابنتى.
لتمشى رحمة بخطوات بطيئة حزينة تتابعها عيون الحاجة آمال بحزن قبل أن تسقط أرضا لتصاب الحاجة آمال بالجزع وهي تسرع إليها لتجدها فاقدة الوعى لتصرخ قائلة
إلحقينى يانجاة..إلحقنى ياحاج صالح.
قال مراد
أنا بخير ياحبيبتى..إنتى أخبارك إيه
قالت شروق
أنا بخير طول ما إنت بخير يامراد..مش ناقصنى بس غير إنى أشوفك.
تنهد مراد قائلا
إنتى شايفة ياحبيبتى الظروف اللى إحنا فيها..نلاقى رحمة بس وهتلاقينى عندك فى ثوانى.
قالت شروق بحزن
والله أنا قلبى واجعنى عليها..بدعى كل يوم فى صلاتى تلاقوها..أنا عارفة يحيي بيحبها أد إيه.
نظر مراد إلى أخيه الذى يزرع الحديقة جيئة وذهابا يتحدث فى الهاتف بعصبية..ليقول بأسى
والله إنتى لو شفتى حالته دلوقتى يصعب عليكى ياشروق..ربنا يكون فى عونه..أنا كنت مكانه
وعارف هو حاسس بإيه دلوقت.
لمعت عيون شروق لتقول
طيب ما الحل أدامنا أهو يامراد.
عقد مراد حاجبيه قائلا
تقصدى إيه
قالت شروق
حاډثة يعملها يحيي ورحمة اكيد اول ما تسمع هتيجى تشوفه علطول.
قال مراد بإستنكار
إنتى إتجننتى ياشروق..يعنى عشان نرجع رحمة نضيع يحيي.
قالت شروق بحنق
وأنا قلت كدة برده..يامراد ياحبيبى..خبر مزيف فى الجرايد..ويحيي فى أوضة فى المستشفى بتاعة صاحبه..وكل شئ يتظبط عشان يبان زي الحقيقة..ساعتها رحمة لو شافت الخبر هتيجى علطول..أنا متأكدة.
مرر مراد يده فى شعره قائلا
والله هي فكرة..هقوله عليها ..رغم إنى معتقدش إنه ممكن ينفذها..بس أهى محاولة..يمكن تصيب.
قالت شروق
طيب قوله واللى فيه الخير يقدمه ربنا ياحبيبى.
قال مراد وهو يلاحظ أن أخاه أنهى مكالمته ويتجه إليه بخطوات عصبية
خلاص ياشروق يحيي جاي أهو..خدى بالك من نفسك ياحبيبتى.
قالت شروق بحب
وإنت كمان يامراد..خد بالك من نفسك وطمنى عليك أول بأول.
قال مراد
حاضر..سلام دلوقتى.
ليغلق الهاتف ويحيي يقف أمامه تماما..ملامحه لا تبشر بالخير ...أبدا.
قالت الحاجة آمال بقلق
كدة مبقاش ينفع نخبى على يحيي مكانها ياحاج صالح.
قال الحاج صالح وهو يطرق بعصاه الأرض قائلا
معاكى حق ياحاجة..الموضوع مبقاش زعل بين زوج وزوجة..الموضوع بقى أكبر من كدة ولازم الإتنين يبقوا قصاد بعض..عشان يتراضوا ويرجعوا لبعض.
قالت الحاجة آمال
يعنى هتقوله ياحاج
نظر إليها الحاج صالح قائلا
لا ياحاجة ..دى حاجة بين الراجل ومراته..ملناش دخل بيها..أنا هتصل بيه وأقوله على مكان مراته وهو لما ييجى تبقى تقوله.
أومأت برأسها قائلة
عين العقل ياحاج..عين العقل.
ليمسك الحاج صالح هاتفه ويتجه إلى حجرته يجرى هذا الإتصال الذى أصبح ضروريا لجمع زوج وزوجة.....وطفلهما معا.
قال مراد بقلق
مالك يايحيي..فيه جديد
قال يحيي پغضب
لسة حالا المحقق
ومطمرش فيه..مش دى المشكلة أصلا..المشكلة فى اللى عملت كدة..تعرف طلعت مين
نظر إليه مراد بتوجس ليومئ يحيي برأسه قائلا پحقد
أيوة هي......بشرى.
لتتسع عيون
مراد فى صدمة.
جلست الحاجة آمال على السرير بجوار رحمة التى شعت السعادة فى وجهها ..لتبتسم بحنان قائلة
مبروك يابنتى..ألف مبروك.
قالت رحمة بسعادة تقطرت من كلماتها
الله يبارك فيكى ياحاجة آمال..إنتى متتخيليش فرحتى بالطفل ده عاملة إزاي..أنا لحد دلوقتى مش مصدقة.
ربتت آمال على يدها قائلة
لأ صدقى يابنتى..إنتى سمعتى الدكتورة بودانك قالت إيه
قالت رحمة بعيون شعت منها الفرحة
سمعتها ..سمعتها ياحاجة آمال..بس أعذرينى ..ڠصب عنى ..أنا عشت فترة كبيرة فاكرة إنى مبخلفش..الله يسامحه هشام بقى..أكيد كان متفق مع الدكتور عشان أحس بعجزى وأرضى بنصيبى معاه..الحمد لله إن ربنا أرادلى الخلفة..دى نعمة كانت نفسى فيها..وكنت بدعيله ليل ونهار يرزق كل مشتاق..الحمد لله إنه إستجاب لدعوتى.
قالت الحاجة آمال
الحمد لله يابنتى.
لتصمت لثانية قبل أن تقول
طب ويحيي يابنتى..مش من حقه يعرف إنه هيبقى أب هو كمان
إنطفأت ملامح السعادة من وجهها وحل الخطړ..لتقول الحاجة آمال بحسرة
لا إله إلا الله..يحيي عمره ما يعمل كدة يابنتى..إنتى زعلك منه عاميكى عن معرفة طبعه..يحيي راجل بجد وميإذيش حد بيحبه
أبدا..راجعى نفسك يابنتى وفكرى فى طفلك قبل ما يفوت الأوان.
نظرت رحمة إلى آمال تدرك أنها على حق..ربما مع مرور السنوات تخبر يحيي بأن لديه طفل منها..وربما لا..هذا ما لا تستطيع أن تقرره الآن مع هذا الألم الكبير الذى تشعر به بداخلها والذى يجبرها على تكتم خبر حملها ..على الأقل....فى الوقت الحالى.
قال مراد پغضب
بشرى حسابها تقل أوى يا يحيي..
قال يحيي پغضب
أنا بلغت الرجالة يقبضوا على فتحى..ويحطوه جنبها على ما أفضالهم وأروحلهم..
قال مراد بضيق
أنا مش عارف بس إنت مستنى إيه..ما نبلغ عنهم وبكل المعلومات اللى معانا والتسجيلات ..بشرى أكيد رايحة فى داهية.. ده كمان.
قال يحيي
مش قبل ما أعرف منها مين اللى شفناه فى التسجيلات..و اللى ساعدها فى اللى عملته..اللى خدر رحمة مع
أمها..وشالها على إيديه اللى هقطعهمله..وساعتها بس هعرف أنتقم منهم هما الإتنين.
قال مراد فى غيظ
بشرى وبلاويها بقى..هتلاقيه حد من معارف صاحباتها.
قال يحيي پغضب يحمل بعض الغموض
مش باين كدة يامراد..الظاهر الموضوع أكبر من كدة.
قال مراد
فكرة وضع كاميرات فى شقتى واللى قلتلى عليها فى المستشفى كانت فكرة ممتازة..بس مش المحقق قالك إنه فى خلال يومين بالكتير هيجيبلك كل المعلومات عن ده
هز يحيي كتفيه قائلا فى مرارة
مفيش حاجة مضمونة يا مراد..ما هو قاللى الكلام ده قبل كدة عن رحمة ..وأدينا لسة لغاية دلوقتى منعرفلهاش مكان.
ربت مراد على يد يحيي قائلا
هنلاقيها يايحيي..لازم هنلاقيها.
تنهد يحيي قائلا
يارب يامراد..أنا حاسس إنى تايه من غيرها وقلبى واجعنى..وكأنها سابت چرح فى قلبى مش هيشفيه غير طبطبتها عليه.
قال مراد بحزن
حاسس بيك ياأخويا..حاسس بيك.
ليصمت لثانية ثم يقول بتردد
شروق قالتلى ..يعنى..على فكرة ممكن تجيبها.
نظر إليه يحيي بإستفسار قائلا
فكرة إيه دى
قال مراد
نفبرك خبر حاډثة فى الجرايد حصلتلك وأول ما رحمة هتقرا الخبر هتيجى المستشفى علطول زي ما حصل مع شروق.
هز يحيي رأسه قائلا
مش هتنفع الفكرة دى خالص..أولا لإن رحمة مبتقراش جرايد..ثانيا أنا معنديش صبر أقعد أستنى فى أوضة فى المستشفى على أمل رحمة هتظهر أو لأ..أنا عندى ألف القاهرة عليها بيت بيت أحسن.
نظر إليه مراد قائلا
أنا قلت كدة برده..
ليصمت لثانية مفكرا ثم يقول
طب مش يمكن رحمة مش فى القاهرة
عقد يحيي حاجبيه قائلا
قصدك إيه
ليرن هاتفه فنظر إلى شاشته ويجد رقم الحاج صالح ..ليرد على الفور قائلا
ألوو.
قال الحاج صالح
إزيك ياإبنى.. أخبارك إيه
تنهد يحيي قائلا
أنا بخير ياحاج صالح ..إزاي الحاجة والولاد.
قال الحاج صالح
بخير ياإبنى ..كلنا بخير.
ليصمت لثانية قبل أن يقول بحزم
أنا عايزك فى البلد ضرورى يايحيي..النهاردة قبل بكرة.
قال يحيي
أنا بستأذنك نأجل الموضوع ده يومين ياحاج..فيه موضوع شاغلنى هنا ..هخلصه وأجيلك علطول.
قال الحاج صالح
الموضوع اللى شاغلك ..أصله هنا ياإبنى..معانا وفى بيتنا.
عقد يحيي حاجبيه وهو يقول
قصدك إيه ياحاج
قال الحاج صالح
قصدى إنى مراتك هنا ياإبنى..منورانا بقالها كام يوم.
لتتسع عينا يحيي پصدمة إمتزجت بفرحة شعت من عيونه..ليشعر مراد بأن تلك المكالمة تحمل خبرا مفرحا....للجميع.
الفصل الثلاثون والأخير
تأمل تلك النائمة بلهفة..بشوق دام أيام ولكنه يشعر وكأنها سنوات..فاللحظة فى فراقها أعجزت قلبه ..وألم بعدها جعله يهرم فى لحظات..لتبتسم إبتسامتها التى تخلب لبه وهي تقول برقة
وحشتنى يايحيي..
لتتنهد مستطردة
يارب حلمى ده ميخلصش..وأفضل كدة علطول.
إبتسم لتظهر غمازتيه وهو يقول بحنان
إنتى كمان وحشتينى يارحمة..
إتسعت عيونها وهي تدرك أنه حقيقة أمامها وأنه ليس حلما..لتتغير ملامحها العاشقة وتحل البرودة فى ملامحها وهي تحاول الإبتعاد
سيبنى يايحيي..لو سمحت
نظرت إلى عيونه بعيون غشيتها الدموع قائلة
وأنا إيه بالنسبة لك..واحدة مرت فى
حياتك ..كل شوية بتوصمها بالعاړ وتتخلى عنها..وتسيبها لا هي حية ولا مېتة.
قال يحيي بحنان
بعيد الشړ عنك يارحمة..إنتى فاهمة غلط..إسمعينى للآخر ولو لقيتينى زي ما بتقولى يبقى حقك ياستى تقولى أكتر من كدة كمان.
كادت أن تتفوه بكلمات ليقاطعها وهو يقربها إليها قائلا
بقك ده ميتفتحش خالص وأنا بكلمك وإلا هسكتك بطريقتى يارحمة.
إبتلعت ريقها بصعوبة ليبتسم بإنتصار..رأت إبتسامته فشعرت بالغيظ منه وكادت أن تتفوه بكلمات تعارضه.. مرغما وقد غامت عيونه بالمشاعر..ليقول بصوت متهدج
إفتحى بقك تانى يارحمة والمرة دى والله ما هسيبك أبدا.
أغلقت رحمة فمها على الفور..وهي تحبس انفاسها ليبتسم بداخله على مظهرها البرئ كالملاك..الرائع كالأطفال..ثم أخذ نفسا عميقا يتمالك به نفسه قبل أن يقول
الحكاية بتتلخص فى يوم ما إعتدوا على شروق وإكتشاف مراد بإن
متابعة القراءة